(علم الأنثروبولوجيا ،المفاهيم ،الأهداف والفروع )
مــــقــدمـــة
يجمع الباحثون أن "الأنثروبولوجيا" علم حديث العهد اذا ما قيس ببعض العلوم الأخرى
كالفلسفة والطب والفلك وغيرها ، إلا أن البحث في شؤون الانسان والمجتمعات الانسانية
قديم قدم الانسان منذ وعي ذاته وبدأ يسعى للتفاعل الايجابي مع بيئته الطبيعية
والاجتماعية. ولقد عمل العلماء والفلاسفة في كل زمان ومكان عبر التاريخ الانساني
على وضع نظريات عن طبيعة المجتمعات البشرية وما يدخل في نسيجها وأبنيتها من دين أو
سلالة، ومن ثم تقسيم كل
مجتمع الى طبقات بحسب عاداتها ومشاعرها ومصالحها ، وقد اسهمت الرحلات التجارية
الاكتشافية وأيضا الحروب في لعب دور هام في حدوث الاتصالات المختلفة بين الشعوب
والمجتمعات البشرية ، حيث قربت فيما بينها وأتاحت معرفة كل منها بالآخر ولاسيما
فيما يتعلق باللغة والتقاليد والقيم.
ويعتبر علم الانثروبولوجيا أحد العلوم الحديثة التي ساهمت بشكل كبير
في دراسة حياة الانسان من النواحي الاجتماعية والثقافية ،حيث كان لهذا العلم دور
فاعل في نقل ثقافة الاخرين والتعرف عليها.ويعد اهتمام الأنثروبولوجيا عامة والأنثروبولوجيا
الاجتماعية خاصة ، بدراسة المجتمعات الانسانية وعلى المستويات الحضارية كافة
منطلقا اساسيا من فلسفة علم الانثروبولوحيا وأهدافها ولاسيما دراسة اساليب حياة
المجتمعات المحلية الى جانب دراسات ما قبل التاريخ ودراسة اللغات واللهجات المحلية
وهذا ما يميز علم الانثروبولوجيا عن
العلوم الانسانية الاجتماعية الاخرى ، ولاسيما علم الاجتماع.
فالنظام الاجتماعي بشكل عام هو التعبير التقني الانثروبولوجي الذي يدل
على المظهر الاساسي في حياة الجماعات الانسانية ، فهو يشمل النظم التي تؤلف اطارا لأنواع
السلوك جميعها ، سواء كان فرديا او اجتماعيا. (.STARTIMES.COM 2010).
بينما تتناول الأنثروبولوجيا الثقافية طريقة معيشة مجتمع ما سواء كان
ذلك المجتمع بدائي او متخلف او نامي او متقدم .وقد كان لاكتشاف مفهوم الثقافة من طرف
تايلورTaylor أكبر الاثر في تنظيم موضوعات هذا العلم في اطار واحد،وبالتالي
فالانثروبولوجيا الثقافية تهدف ايضا الى فهم طبيعة ظاهرة الثقافة وتحديد عناصرها
سواء في المجتمعات الحالية او المجتمعات القديمة فهي تبحث في التغيير الثقافي
وعمليات الاقتراض والامتزاج والصراع بين الثقافات وتحديد نتائج تلك الاتصالات
الثقافية ، كما تدرس خصائص الاشكال المتشابهة من الثقافات أي الانماط الثقافية
التي تحدث بصورة مستقلة في الاماكن والعصور المختلفة .(الصغيري ، S.TARTIMES.COM ,2010).
تتناول هذه المقالة العلمية موضوع الانثروبولوجيا باعتباره احد العلوم
الحديثة والتي حظي باهتمام كبير من قبل العلماء والباحثين . حيث تهدف المقالة الى
الاحاطة بهذا الموضوع البحثي من جميع
النواحي.
حيث ستتناول المقالة مفهوم الانثروبولوجيا، تاريخها،اهدافها ،وكذا شرح
الفروق بين الانثروبولوجيا الثقافية والاجتماعية كما تشمل المقالة ايضا المنهج
الانثروبولوجي والدراسات الميدانية وذلك لمعرفة كيفية استخدام المنهج
الانثروبولوجي في اجراء الدراسات الميدانية وتطبيقها على ارض الواقع .
الكلمات
المفتاحية : الأنثروبولوجيا ،
الأنثروبولوجيا الاجتماعية ، الأنثروبولوجيا الثقافية.
اولاً :مفهوم الأنثروبولوجيا:
ان لفظ أنثروبولوجيا Anthropology هي كلمة
انجليزية مشتقة من الاصل اليوناني المكون من مقطعين : أنثروبوس Anthropos ،
ومعناه الإنسان ولوجوس Locos ، وبذلك يصبح معنى الأنثروبولوجيا
من حيث اللفظ "علم الإنسان أي العلم الذي يدرس الانسان .
ولذلك تعرف الانثروبولوجيا ،"بأنها
العلم الذي يدرس الانسان من حيث هو كائن عضوي حي يعيش في مجتمع تسوده نظم وأنساق
اجتماعية في ظل ثقافة معينة.ويقوم بأعمال متعددة ويسلك سلوكا محددا،وهو ايضا العلم
الذي يدرس الحياة البدائية ،والحياة الحديثة المعاصرة ويحاول التنبؤ بمستقبل
الانسان معتمدا على تطوره عبر التاريخ الانساني الطويل،ولذلك يعتبر علم دراسة
الانسان "الأنثروبولوجيا " علما متطورا يدرس الانسان وسلوكه وأعماله. كما
تعرف الأنثروبولوجيا بصورة مختصرة وشاملة بأنها علم دراسة الانسان طبيعياً
واجتماعياً وحضارياً " (الشماس،2004،ص8) .
أي أن الأنثروبولوجيا لا تدرس الانسان ككائن وحيد بذاته ، أو منعزل عن
ابناء جنسه،انما تدرسه بوصفه كائناً اجتماعياً بطبعه ، يحيا في مجتمع معين له
ميزاته الخاصة في زمان ومكان معينين. فالأنثروبولوجيا عند ملاحظة تعريفها نجد انها
تدرس الإنسان في ابعاده المختلفة وقد تكون دراسة شاملة للإنسان، ومن الأبعاد التي
تدرسها الأنثروبولوجيا ، البيوفيزيائية ،الاجتماعية والثقافية ، فهي أساساً علم
شامل يجمع بين ميادين ومجالات متباينه ومختلفة عن بعضها البعض ففي المجال
الاجتماعي تدرس الأنثروبولوجيا النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية
والقانونية وفي المجال الثقافي تدرس
التراث الفكري وأنماط القيم وأنساق الفكر والإبداع الأدبي والفني ، بل والعادات
والتقاليد ومظاهر السلوك في المجتمعات الانسانية المختلفة . وبما أن الأنثروبولوجيا
تدرس سلوك الإنسان وثقافته فهي تدرس ايضاً الثقافة الاستهلاكية للإنسان وكيفية
تعامل الانسان مع يدور حوله ثقافياً واجتماعياً.
وهذا يتوافق مع تعريف تايلور الذي يرى أن الأنثروبولوجيا هي "
الدراسة البيوثقافية المقارنة للإنسان" .(الشماس ،2004 ،ص9) . نجد ان
تعريف تايلور يحاول الكشف عن العلاقة بين المظاهر البيولوجية الموروثة للإنسان وما
يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية .
كما أن الأنثروبولوجيا بالإنجليزية "Anthropology" هي "علم الإنسان ،أي الدراسة
العلمية للإنسان في الماضي والحاضر الذي يرسم ويبنى على المعرفة من العلوم
الاجتماعية ، وعلوم الحياة ، والعلوم الانسانية ، وتعريف الانثروبولوجيات عدة
أشهرها " علم الإنسان ،وأعماله وسلوكه ، وعلم الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها " (www.ar.wikipedia.org ,
2016).
ثانياً : طبيعة الأنثروبولوجيا :
ان الشعوب الناطقة باللغة الانجليزية جميعها ، تطلق على علم
الأنثروبولوجيا "علم الانسان وأعماله" بينما يطلق المصطلح ذاته في
البلدان الأوروبية غير الناطقة بالإنجليزية على "دراسة الخصائص الجسمية للإنسان" . ويصل هذا الاختلاف الى طبيعة علم الأنثروبولوجيا ، فبينما يعني في
اوروبا ، الأنثربولوجيا الفيزيقية ،وينظر الى علمي الاثار واللغويات كأحد الفروع
المنفصلة . أما الأمريكيين فأنهم يستخدمون مصطلح ( الأثنولوجيا أو الأثنوغرافيا ،
لوصف الأثنوجرافيا الثقافية والتي يطلق عليها البريطانيين " الأنثروبولوجيا الاجتماعية
"(صادق ،2013 ،ص5).
ومن فهمنا لطبيعة الأنثروبولوجيا نجد أنه يركز اهتمامه على كائن واحد
،هو " الإنسان "، ويحاول فهم انواع الظواهر المختلفة التي تؤثر
فيه ، بينما نجد العلوم الأخرى تركز اهتمامها على انواع محددة من الظواهر والتي قد
توجد في الطبيعة ، وكان علم الأنثروبولوجيا وما زال يحاول فهم كل ما يمكن فهمه او
معرفته عن طبيعة الإنسان ، اذ يدرس هذا العلم أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بينه وبين
الكائنات الحية الاخرى من جهة ومن جهة أخرى أوجه الشبه والاختلاف بين الإنسان
وأخيه الإنسان من جهة اخرى. وفي الوقت ذاته يدرس السلوك الإنساني فمن ناحية الإطار
الثقافي والأجتماعي بوجه عام فلا تهتم الأنثروبولوجيا بالإنسان الفرد ، كما تفعل
الفيزيولوجيا أو علم النفس وإنما تهتم بالإنسان الذي يعيش في جماعات وأجناس وتدرس
الناس في أحداثهم وأفعالهم الحياتية .
ولقد أهتم عدد من الأنثروبولوجيين بفهم الكيفية التي تقوم من خلالها
الكائنات البشرية بتجسيد ثقافتهم ومعايشتها فهم يرون ان الثقافة لا توجد كواقع في
حد ذاته خارج الافراد ، لو تمتعت باستقلالية نسبية ازاء هؤلاء الأفراد (كاظم ،2011 ،ص36) .
ثالثا :أهداف الأنثروبولوجيا
استناداً الى مفهوم الأنثروبولوجيا وطبيعتها ، فأن دراستها تحقق
مجموعة من الأهداف والتي يمكن حصرها في الأمور التالية: ( الشماس ،2004 ، ص10).
1.وصف مظاهر الحياة البشرية والحضارية وصفاً دقيقاً وذلك عن طريق
معايشة الباحث المجموعة أو الجماعة المدروسة ،وتسجيل كل ما يقوم به افرادها من
سلوكيات في تعاملهم في الحياة اليومية .
2.تصنيف مظاهر الحياة البشرية والحضارية بعد دراستها دراسة واقعية ،
وذلك للوصول الى أنماط انسانية عامة وذلك في سياق الترتيب التطوري الحضاري العام للإنسان
:(بدائي- زراعي- صناعي – معرفي – تكنولوجي).
3.تحديد اصول التغير الذي يحدث للإنسان ، وأسباب هذا التغير وعملياته
بدقة علمية وذلك بالرجوع الى التراث الإنساني وربطة بالحاضر من خلال المقارنة وإيجاد
عناصر التغيير المختلفة .
4.استنتاج المؤشرات والتوقعات لاتجاه التغيير المحتمل في الظواهر الانسانية /الحضارية التي تتمم
دراستها ، وذلك لإمكانية التنبؤ بمستقبل الجماعات البشرية التي عليها الدراسة .
ان اهتمام الأنثروبولوجيا بدراسة المجتمعات الإنسانية كلها وعلى
المستويات الحضارية كافة يعتبر منطلقا اساسياً في فلسفة علم الأنثروبولوجيا
وأهدافها حيث قد أستطاع أن ينجح في أثبات الكثير من الظواهر الخاصة لنشأة الإنسان
وطبيعته ومراحل تطوره الثقافي والحضاري ،
حيث اثبتت الدراسات الأنثروبولوجية أن الشعوب البشرية بأجناسها المتعددة تتشابه
الى حد التطابق في طبيعتها الاساسية لاسيما في النواحي العضوية والحيوية .
رابعاً / نشأة الأنثروبولوجيا وتاريخها :
تمر نشأة الأنثروبولوجيا بعدة مراحل على النحو التالي: (الشماس ، 2004
،ص14)
اولاً : الأنثروبولوجيا في العصر القديم //
يجمع معظم علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا على أن الرحلة التي قام بها
المصريون القدماء في عام 1493 قبل الميلاد
الى بلاد بونت (الصومال حاليا) بهدف التبادل التجاري تعد من أقدم الرحلات التاريخية في التعارف بين
الشعوب . وقد كانت الرحلة مؤلفة من خمسة مراكب وعلى متن كل منها 31 راكباً وذلك
بهدف تسويق بضائعهم النفيسة التي شملت البخور والعطور ونتج عن هذه الرحلة اتصال
المصريين القدماء بأقزام افريقيا حيث صورت النقوش ذلك.
اما عند الإغريق (اليونانيين القدماء) فيعتبر المؤرخ الإغريقي (
اليوناني) هيرودوتس (Herodotus) الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ، أول
من صور احلام الشعوب وعاداتهم وطرح فكرة وجود تنوع وفوارق فيما بينهما من حيث النواحي السلالية والثقافية واللغوية
والدينية .حيث يعتبره معظم مؤرخين الأنثروبولوجيا الباحث الأنثروبولوجي الأول في
التاريخ . حيث يعتبر هيرودوتس اول من قام بجمع معلومات وصفية دقيقة عن عدد كبير من
الشعوب غير الأوروبية وعددها حوالي (150) شعباً حيث تناول بالتفصيل تقاليدهم
وعاداتهم ،وملامحهم الجنسية وأصولهم السلالية.
ثانياً : الأنثروبولوجيا عند العرب في العصور الوسطى //
تمتد من منتصف القرن السابع الميلادي حتى نهاية القرن الرابع عشر
تقريباً ، حيث بدأ الإسلام في الانتشار وبدأت معه بوادر الحضارة العربية والإسلامية
آنذاك بالتكوين والازدهار ولذلك برز العرب في وضع المعاجم الجغرافية ، كمعجم
البلدان لياقوت الحموي وكذلك اعداد الموسوعات الكبيرة التي بلغت ذروتها في القرن
الثامن الهجري (14)الميلادي . كما تناول ابن خلدون أيضا في مقدمته دراسة العادات والتقاليد والعلاقات الاجتماعية
وقد شكلت موضوعات هذه المقدمة فيما بعد اهتماماً رئيسياً في الدراسات
الانثروبولوجية.
ثالثًاً:الأنثروبولوجيا في عصر النهضة الاوروبية//
يتفق المؤرخون على أن عصر النهضة في أوروبا بدأ في نهاية القرن الرابع
عشر الميلادي ، حيث شرع الاوروبيون بعملية دراسة انتقائية للعلوم والمعارف
الأغريقية والعربية . هذه التغييرات ادت الى ترسيخ عصر النهضة أو ما يسمى (عصر
التنوير) والتي أسهمت في بلورت الأنثروبولوجيا في نهاية القرن19 كعلم يدرس تطور
الحضارة البشرية.
خامساً : فروع الأنثروبولوجيا
1.الأنثروبولوجيا الثقافية
(Cultural
Anthropology )
يتفق علماء الأنثروبولوجيا الثقافية على أن الثقافة هي موضوع علمهم ،
ولكنهم يختلفون في تعريفها ، ولم يظهر هذا الاختلاف في العقود القليلة السابقة .
لكن في نهاية القرن 19 وأوائل القرن العشرين كان هناك شبه أتفاق على الأخذ
بالتعريف الشهير الذي وضعة تايلور""Taylor
في كتابه "الثقافة البدائية" الذي يقول فيه الثقافة هي" ذلك
الكل المركب الذي يشتمل على المعرفه والعقائد والفن والأخلاق والعادات والقانون
وغيرها من القدرات والعادات الذي يكتسبها الانسان بوصفه عضوا في المجتمع"(WWW.STARTIMES.COM ,2010).
وتعد الثقافة عاملاً ثقافياً مهم في تصنيف المجتمعات وتمييز بعضها من
بعض ، وذلك بالنظر لما يحمله مضمون الثقافة من خصائص ودلالات ذات ابعاد فردية
واجتماعية وإنسانية أيضاً. ويمكن القول أن الثقافة في اطارها العام ليست إلا
مفهوماً مجردًا يستخدم في الدراسات الأنثروبولوجية للتعميم الثقافي وقد يكون الهدف
من الثقافة ايضاً فهم الأحداث في العالم البشري والتنبؤ بإمكانية وجودها أو وقوعها
.
1.1.تعريف الانثروبولوجيا الثقافية//
تعرف الأنثروبولوجيا الثقافية بوجه عام بأنها "العلم الذي يدرس الإنسان من حيث هو عضو في
مجتمع له ثقافة معينة .وعلى هذا الإنسان أن يمارس سلوكاً يتوافق مع سلوك الأفراد
في المجتمع (الجماعة)المحيط به ، يتحلى بقيمه وعاداته وبدين نظامه ويتحدث باللغة
قومه .ولذلك فأن الأنثربولوجيا الثقافية : هي عبارة عن ذلك العلم الذي يهتم بدراسة
الثقافة الإنسانية ويعني بدراسة اساليب حياة الإنسان وسلوكياته النابعة من
ثقافته.وهي تدرس الشعوب القديمة كما تدرس الشعوب المعاصرة(الشماس،2004،ص69).
نلاحظ
من هذا التعريف ان الأنثروبولوجيا الثقافية تهدف الى فهم الظاهرة الثقافية
وتحديد عناصرها . كما تهدف الى دراسة عمليات التغيير الثقافي والتمازج الثقافي ،
وتحديد الخصائص المتشابهة بين الثقافات ، وتفسر بالتالي المراحل التطورية لثقافة
معينة في مجتمع معين.
وتعترف أنثروبولوجيا العوالم المعاصرة
بتعددية الثقافات كما تعترف بمعاييرها
المشتركة وبأختلافاتها الداخلية في ثقافة بعينها .والثقافة اذا لم تحتفظ بهذا
المفهوم كقيمة اجرائية .فأنها لاتدرك في ايامنا كعلم يتم تقاسمه بنسبة مئة بالمائة
. ففي قلب المجتمع الواحد تتعايش تعددية من الأشكال والعدة الثقافية لأعضائه والتي
تختلف بحسب الوضعية الاجتماعية (العمر،الجنس،التربية،الثروة،المهنة،الانتماء
الديني)أن مفهوم التثاقف مهما كان شعبياً في الأنثربولوجيا ، فهو مفهوم يشير الى
الظواهرالحاصلة من الصدمة بين ثقافتين مختلفتين.(اوجيه وكولاين ، 2014 ،ص21).
من الواضح ايضا ان المناقشات الحديثة التي
تختص بطبيعة العلاقة بين الفرد وثقافته والمجتمع واشكاليات هذه العلاقة تبحث اليوم
عن تحت عنوان "الثقافة والشخصية"وهذا يعد المحور النظري الذي يستقطب
معظم الاهتمام العلمي للأنثروبولوجيين المعاصرين ، فقد ركز الأنثروبولوجيين بالدرجة الاساسية على ضرورة
فهم مصير شخصة الإنسان في سياق الواقع الثقافي الذي يترعرع فيه.
وعلى هذا الاساس تكون مهمة الأنثروبولوجيا
الثقافية هي دراسة الثقافة كما تتجسد في سلوك وشخصيات حامليها وممثليها من افراد
المجتمع الذي تنظمه وهذا الموقف كثيراً من موقف العالم "ادوارد
سابير"الذي يرى وينصح الأنثروبولوجيين بالتركيز على دراسة ووصف الثقافة في
أطار الشخص مع انه ينبغي التوجه اضافة الى ذلك ، وبشكل أساسي نحو استيعاب عملية
تكوين شخصية الفرد من خلال تأثرها بالمحددات الثقافية الاجتماعية ، فيما أكدت
دراسات "والاس" على أهمية تطوير نظرية حول تفسير الثقافة في سياقاتها
وتفسير العوامل غير الثقافية ايضاً التي يعتبرها تقع تحت مظلة الشخصية ، وكان "والاس¹" قد ذهب الى القول ان وظيفة الانثروبولوجيا
الثقافية والنفسية لا تتوقف عند وصف الارتباطات النفسية للثقافة كما تتجلى في
الشخصية الفردية من خلال الدافع والأفعال مثلاً وانما تؤكد الحقائق الموثقة لتطور
الثقافة في المجتمع وأختلافاتها في ضوء تنوع السلوك بين الأفراد(كاظم،2011،ص43).
2.1.نشأة الأنثروبولوجيا الثقافية//
لم تظهر الانثروبولوجيا الثقافية كفرع مستقل
عن الأنثروبوجيا العامة الا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وربما يعود
الفضل في ذلك الى العالم الأنجليزي (أدوارد تايلور) الذي يعد من رواد
الأنثروبولوجيا والذي قدم تعريف شامل للثقافة عام 1871م في كتابه "الثقافة
البدائية".(الشماس،2004،ص70).
3.1.أقسام الأنثروبولوجيا الثقافية //
على الرغم من تعدد العناصر الثقافية وتداخل
مضموناتها وتفاعلها في النسيج العام لبنية المجتمع الإنساني ، فقد اتفق
الأنثروبولوجيين على تقسيم الأنثروبولوجيا الثقافية الى ثلاثة أقسام اساسية هي(صادق،2004،ص70).
1.علم اللغويات Linguistics
هو العلم الذي يبحث في تركيب اللغات الإنسانية ، المنقرضة* ¹و الحية ولاسيما المكتوبة
منها في السجلات التاريخية ، كاللاتينية أو اليونانية القديمة واللغات الحية
المستخدمة حالياً كالعربية والفرنسية والإنكليزية ، ويهتم الدارسون بالرموز
اللغوية المستخدمة الى جانب العلاقة بين لغة شعب ما والجوانب الأخرى من ثقافته باعتبار
اللغة وعاء ناقل للثقافة .
2.علم الاثار Archaeology
يهتم هذا العلم بدراسة ما تركه الانسان من أشياء
مادية بدءا من الادوات التي صنعها من مواد خام لمواجهة متطلبات الحياة من معيشة
ومسكن وغير ذلك ، انطلاقا من أن هذه الأدوات تبقى بعده أثراً دالاً على تجربته
ومؤرخه عصره .
3.علم الأثنولوجيا Ethnology
وهو علم دراسة الشعوب
، ويعرف بأنه الدراسة الرأسية لمظاهر الثقافة بشقيها المادي واللامادي مع محاولة
التعرف على ماضي تلك السمات والظواهر الثقافية . وبذلك يتجه اهتمام الباحث
الأثنولوجي بدراسة تاريخ تلك السمات ويكون اتجاهه تاريخياً بحتًا.
3.1.الأنثروبولوجيا
الثقافية في الفترة المعاصرة //
تتميز الأنثروبولوجيا الثقافية في الفترة المعاصرة بظهور اتجاهات
جديدة وبانتشار كبير في الجامعات الأمريكية والأوروبية وكذلك في جامعات المجتمعات
النامية ، بأفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية ويجب ملاحظة أن اهتمام الجامعات
الأفريقية يتركز حول الأنثروبولوجيا الاجتماعية نظراً لارتباطها بالجامعات
الإنجليزية الذي لا تعترف تقريباً إلا بالأنثروبولوجيا الاجتماعية ( WWW.STARTIMES.COM 2010)
وتعد الدراسات على المستوى القومي من أهم الاتجاهات
الحديثة في الأنثروبولوجيا الثقافية اذا انتشرت الدراسات الخاصة بالمجتمعات الحديثة الكبيرة بغرض تحديد خصائص
ثقافتها على المستوى القومي فنجد ابحاثاً حول خصائص الثقافة الأمريكية أو الثقافة
الألمانية والصينية . وقد ظهرت في الفترة المعاصرة اتجاه حديث وهو زيادة التعاون
والتبادل على مستوى الأساتذة وطلبة الدراسات العليا المتخصصين في الانثروبولوجيا
بفرعيها الثقافي والاجتماعي ، حيث أقامت بعض الجامعات الامريكية والإنجليزية محطات
للدراسات الحقلية للأنثروبولوجيا بأفريقيا وأسيا وبدأت المؤسسات تشجع وتمول ابحاث
الأنثروبولوجيا الحضارية مما أدى الى ازدهار تلك الأبحاث .
2.الأنثروبولوجيا الاجتماعية Sociology Anthropology
عند دراسة الإنسان وأعماله يجب التفريق بين عبارة "ثقافة"
وعبارة " مجتمع" المرافقه لها. فالثقافة كما في تعريفاتها هي طريقة حياة
شعب ما ، أما المجتمع فهو تكتل منظم لعدد من الافراد ، يتفاعلون فيما بينهما
ويتبعون طريقة حياة معينة خاصة بهم
.وبعبارة ابسط المجتمع مؤلف من أناس ، وطريقة سلوكهم هي ثقافتهم ، وبناء على تهدف
دراسة الأنثروبولوجيا الاجتماعية الى تحديد العلاقات المتبادلة بين النظم الاجتماعية
سواء في المجتمعات القديمة التي تدرس من
خلال إثارة المادية والفكرية ، أو في المجتمعات الحديثة والمعاصرة التي تدرس من خلال
الملاحظة المباشرة لمنجزاتها تفاعلاتها الخاصة.
1.2 .تعريف
الأنثروبولوجيا الاجتماعية //
تعرف الأنثروبولوجيا الاجتماعية بأنها " دراسة السلوك
الاجتماعي الذي يتخذ في العادة شكل نظم اجتماعية كالعائلة ونسق القرابة ، والتنظيم
السياسي ،والإجراءات القانونية ،والعبادات الدينية وغيرها. كما تدرس العلاقة بين
هذه النظم سواء في المجتمعات المعاصرة أو في المجتمعات التاريخية التي يوجد لدينا
عنها معلومات مناسبة من هذا النوع ، يمكن
معها القيام بمثل هذه الدراسات.(الشماس،2004،ص82)
فالنظام الاجتماعي أذن ،هو التعبير التقني الأنثروبولوجي الذي يدل على
المظهر الأساسي في حياة الجماعة الإنسانية وهو يشمل النظم الذي تؤلف اطاراً لأنواع
السلوك جميعها سواء كان فردياً أو اجتماعياً ،كما أن اللغة والحياة الاجتماعية
المنظمة ، زودتا الإنسان بأدوات لنقل الثقافات مهما بلغت من التعقيد والمحافظة على
تراثها بعيداً بصورة غير ايجابية . وعملت الحياة الاجتماعية أيضاً على جعل الإنسان
في حاجة الى أرث اجتماعي ، يفوق في ثروته ما تحتاج اليه الحيوانات ، وتمت المحافظة
على المجتمعات البشرية وذلك بتدريب أجيال متلاحقة من الأفراد ولذلك كانت المجتمعات
هي نفسها حصيلة الثقافة .
2.2.نشأة
الأنثروبولوجيا الاجتماعية وتطورها //
يوصف علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية بأنه علم حديث العهد ،لا بل من
أكثر العلوم الاجتماعية حداثة. فقد أستخدم مصطلح "الأنثروبولوجي الاجتماعي"
للمرة الأولى في عام 1980 عندما كرمت جامعة ليفربول في بريطانيا السيد "جيمس
فريزر"ومنحته لقب الأستاذ .(الشماس ،2004،ص83).
ومما يدل على حداثة هذا العلم الذي يدرس الجانب الطبيعي /التطبيقي من
البنى الاجتماعية ذلك الاختلاف الذي ما يزال قائماً بين علماء الاجتماع حول هذه
التسمية "الأنثروبولوجيا الاجتماعية" ولكن على الرغم من حداثة هذا العلم
فقد مر بمراحل متعددة أسهمت في نشوئه وتطوره واستكمال عناصره الى حد بعيد بدءاً من
القرن الثامن عشر وحتى الوقت الحاضر. ويعد عالم الاجتماع الفرنسي "سان
سيمون" أول من رأى ضرورة أنشاء علم للمجتمع ، وأقترح أنشاء علم وضعي
للعلاقات الاجتماعية .وأعتبر أن مهمة علماء الاجتماع لا تقتصر على دراسة المفاهيم
والتصورات الاجتماعية فحسب ، وإنما يجب أن تشمل تحليل الوقائع والحقائق التي
تعززها . وإذا كان "سيمون" لم يقصد تماما أنشاء علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية
وإنما قصد أيجاد علم خاص يدرس النظم الاجتماعية وعلاقاتها دراسة موضوعية فأن ذلك
تحقق فعلاً بجهود تلميذه " أوغست كونت".
3.2.الأنثروبولوجيا
الاجتماعية في القرن العشرين//
وصلت الأنثروبولوجيا مع بداية القرن العشرين الى مرحلة التخصص بدراسة
البنى الاجتماعية للمجتمعات ، ولاسيما المجتمعات القديمة ،حيث ازدادت الدراسات الميدانية التي قام بها
الانكليزي "راد كيف براون" على سكان خليج البنغال والتي اعتبرت المحاولة
الأولى لفحص النظريات الاجتماعية بالعودة الى مجتمع بدائي .وكذلك دراسة
"مالينوفسكي"لسكان جزر"التروبوبرياند" لمدة أربع سنوات
،وأستخدم فيها لغة أهالي هذه الجزر . فكان بذلك أول أنثروبولوجي يتمكن من فهم حياة
الناس وعلاقاتهم الاجتماعية من خلال تتبع عاداتهم وتقاليدهم ،وتحليل مدلولاتها الاجتماعية
.(الشماس ،2004،ص 186).
وخلال الربع الأول من القرن العشرين عكف الباحثون الانثروبولوجيون على
جمع الوثائق التي يحتاجون اليها من اجل أثبات ظاهرة الاقتباس بين الثقافات
المختلفة .ويلاحظ أن العامل التاريخي من وجهة نظر تاريخ الطريقة الأنثروبولوجية ،
أحتل مكان الصدارة في دراسة المجتمعات حتى في المحاولات المبذولة لإثبات ظاهرة
الأنتشار الثقافي الناجمة عن الاحتكاك بين الشعوب . ويعود ذلك أن هؤلاء الباحثين كانوا
يدركون جيداً أهمية البيانات التاريخية في فهم العوامل الثقافية الدينامية.
علم "ماليتوفسكي "الذي بدأ منذ عام 1924 بتدريب
الأنثروبولوجيين على القيام بالدراسات الميدانية . وتابعت الأنثروبولوجيا الاجتماعية
دراستها المتقدمة في النصف الثاني من القرن العشرين حيث أدى ذلك الى اعتماد تطبيق
المنهج التجريبي بدلاً من المنهج المقارن حيث يستند كل باحث أنثر وبولوجي في تطبيق
المنهج التجريبي الى دراسة باحث أخر لمجتمع معين ويقوم بدوره بالتأكد من صحة هذه
النتائج من خلال قيامة بدراسة المجتمعات الأخرى.
3.2.أهداف
الأنثروبولوجيا الاجتماعية
1.تحديد نماذج
عالية للأبنية الاجتماعية:-
أن الصورة التي يرسمها باحث النظام الاجتماعي كله تتكون من عناصر
تجمعها وحده واحده أي من النماذج الداخلة في تركيب النظام ومن الملاحظات التي تتجمع لديه عن تكيفها
وعلاقاتها المتبادلة،كما تتكشف له في أثناء ممارسة الناس الفعلية لها ،ولا يستطيع
العضو العادي في أي مجتمع أن يساعد الباحث في هذا العمل ،أذ ما من أحد يدرك أن
النماذج التي تنظم التفاعلات الاجتماعية
تشكل نظاما إلا في حالة المجتمعات التي بلغت درجة عالية من التعقيد والتزمت
كالمجتمعات في الصين وبلاد الإغريق في العصور القديمة (الشماس ،2004،ص88).
2.تحديد
مظاهر التداخل والترابط بين النظم الاجتماعية :-
تبدو أهمية استخدام المنهج الكلي/المتكامل في الدراسات الأنثربولوجية
، تحقيق ذلك الهدف الذي يتمثل في تحديد التأثير المتبادل بين النظم الاجتماعية
التي تدخل في نطاق البناء الأجتماعي الواحد.حيث أن العلماء يهتمون اليوم لهذا
الهدف إذ انهم لا يوافقون على اقتصار الدراسة الانثروبولوجية على الجانب الوصفي
فحسب وإنما لابد من التحليل للكشف عن الوظائف الأجتماعية للنظم الاجتماعية عن طريق
تحديد التأثير المتبادل فيما بينها . وقد عرفت أمثلة كثيرة عن هذا الموضوع ، حيث
يطلق العالم "براون" على الدراسة التي ترمي الى تحقيق ذلك الهدف
اصطلاحاً "الدراسة الفيزولوجية تمييزأ لها عن الدراسات الخاصة بالهدف السابق
"الدراسة المورفولوجية"" (الشماس،2004،ص88).
3.تحديد
عمليات التغيير الأجتماعي :-
تهدف الدراسات الأنثروبولوجية الأجتماعية الى تحديد خصائص التغيير
الأجتماعي وعملياته والتي تحدث في الأبنية الأجتماعية ، سواء ذات المعدل السريع في
التغيير أو المعدل المتوسط أو المعدل البطيء .وقد لاحظ براون أن الدراسات الخاصة
بذلك الهدف ، أهتمت بدراسة أثر الحروب الأستعمارية على النظام القبائلي في أفريقيا
واسيا ،ولكن التغيير الاجتماعي عملية معقدة ،متعددة الجوانب ومختلفة العوامل
.ولذلك ،ولذلك فهي أعمق في دراستها من حيث الجمع بين عناصر حضارتين مختلفتين
.فعملية التغيير أو التطور تستلزم ظهور أشكال جديدة من الأنماط والأبنية الاجتماعية
كما تستلزم أيضاً ، الانتقال من الأشكال البسيطة الى الأشكال المركبة (الشماس،2004،ص89).
فلكل مجتمع طريقته الخاصة في الحياة والتي يطلق عليها العلماء
الأنثروبولوجيين مصطلح "الثقافة"ويعتبر مفهوم الثقافة من اهم الأدوات
التي يتعامل معها الباحث الأنثروبولوجي . وكما الحال في الأبحاث العلمية الأخرى ،
تكون الخطوة الاولى جمع الحقائق عن الانماط االثقافية ويتطلب من العام
الأنثربولوجي القيام بأبحاث ميدانية في أماكن نائية والى العمل بأبحاث ميدانية في
أماكن نائية ومختلفة.
خامسأ :-المنهج الأنثربولوجي
والدرسات الميدانية
يقول عالم الأنثربولوجيا الثقافية "هرسكو فيتز" أن الأنثروبولوجي لكي يقوم بعمله عليه الذهاب الى موطن الشعب
الذي أختاره موضوعأ للدراسة ، فيستمع الى أحاديثهم ويزور بيوتهم ويحضر طقوسهم
ويلاحظ سلوكهم العادية ،ويسألهم عن تقاليدهم ويتألف مع طريقة حياتهم حتى تصبح لديه
فكرة شاملة عن ثقافتهم أو يحلل جانباً خاصاً من جوانبها ، حيث أن عالم
الأنثروبولوجيا في الأساس في هذا العمل يعتبر "أثنوغرافي" وجامع
للمعلومات يحللها ويربطها بمعلومات أخرى وذلك عند رجوعه من الميدان ويعتبر هذا
جانب علمي تطبيقي . وهنا فالأنثروبولوجيا في جانبها الميداني /التطبيقي تشكل أحد
فروع الأثنولوجيا" Ethnologic"
، حيث يدرس التطبيق العملي للمعلومات والأساليب الفنية على الشعوب التي تعيش حياة
بدائية بسيطة والتي يحتك به الإنسان المتحضر ، سواء عن طريق الدراسة أو عن طريق
الاستعمار أو الاحتلال الخارجي.
على الأنثروبولوجي في حقل عمله أن يجد نفسه باستمرار طارحاً جانباً
مقولات واهتمامات لا تتوافق مع مقولات ثقافته الأصلية ، ولا مع المحصلات المدرسية
في مهنته لقلة الأعتداد بها ، حيث أن موهبته تقدم على أظهار نفسه مستقبلاً . ومن
جانبه وفي اتخاذه لموقع "العارف" فأن صاحب الملعومة يعطي
"العالم" معرفه يجهد في سبيل فهمها . وتندرج المعلومات التي يقدمها صاحب
المعلومة في "مجموع لا يعرفه *¹" بالنسبة للعالم الأنثروبولوجي . فإذا كان هذا الذي يعرف
"ليقول كل ما يعرفه ،فأن المعرفة تبقى الى حد ما منقوصة ". لذلك على
الأنثروبولوجي الإقامة الطويلة في الحقل الذي يجري عليه البحث وقبل بداية الاستقصاء حيث أن الإقامة تسمح بالتعلم عن طريق التنافس
في العادات واللغة والأعراف والتقاليد بمعزل عن الاستقصاء الاختياري (أسئلة ،
أجوبة ، محادثة ، أخذ ملاحظات ، تسجيلات )...الخ.
وعلى الباحث الأنثروبولوجي ألا يهمل تمثل القوانين الاجتماعية في
المواقف الإيماءات ، الأشاريات ، السكوت ،الضحك ، التعجب ...الخ .(أوجيه وكولاين ،
2008 ، ص. ص 74-75).
1.5.طرائق
البحث الأنثروبولوجي الميداني وأدواته :-
أن من أهم إسهامات الأنثروبولوجيا بوجه عام ،والأنثروبولوجيا الثقافيه بوجه خاص يتمثل في منهجها البحثي ،وبما أن أحد الشروط
الأساسيه في منهج البحث العلمي ، هو أنه يجب على الباحث أن يعرض بوضوح الوسائل
التي حصل بواسطتها على مجموعة من
المعلومات وعليه أن يتلافى أسباب نقص هذه الوسائل في الدراسات الأنثروبولوجية ومن
أهم طرائق البحث الأنثربولوجي التي يستخدمها الباحثون مايلي:(الشماس ،2004 ،ص ص
96-98 ).
1.طريقة
الملاحظة (المشاهدة) المباشرة Direct Observation
هذه تعتبر أحد الأساليب التي يستخدمها الباحث المقيم في دراسة الشعوب
البدائية ، ويقوم هذا الأسلوب على مراقبة أو معاينة أفراد الشعب التي تجري عليه
الدراسة في أثناء تأدية أعمالهم اليومية المعتادة وكذلك حضور المناسبات العامة التي يقيمها أبناء هذا الشعب كالحفلات والاجتماعات
(الدينية ،الشعبية) وحلقات الرقص ،مراسم دفن الموتى ،ورصد الحركات والتصرفات
وتسجيل ما يجدر تسجيله من حوارات وأغاني وتراتيل وما الى ذلك من التعابير التي
يبديها الافراد في هذه المناسبات .
2.طريقة
المشاركة Participation
وهي الطريقة التي يتبعها الباحث الأنثروبولوجي وذلك عن طريق القيام
بأعمال تقوم بها الجماعة المدروسة وذلك تقرباً منها وكسب لودها ، والدخول
بالتالي الى أدق التفاصيل في ممارسة أفراد
هذه الجماعة الخاصة والعامة ، كأن يمارس الباحث بعض الطقوس الدينية أو الاجتماعية ،أو
يقوم ببعض الأعمال التي تعد من النشاط اليومي للجماعة ، ولاسيما الأعمال اليدوية
الفردية والجماعية ومن خلال هذه المعايشة الحية للمجتمع المدروس ، يكتسب الباحث مهارة
في أداء هذه الأعمال .
3.طريقة
الاستمارة (الأستبانة Questionnaire)
هي من أقدم الطرائق البحثية ،وما زالت مستخدمة على نطاق واسع في كثير
من الدراسات المسحية الميدانية ، ومن خلال هذه الطريقه يوزع الباحث الاستمارة (الأستبانه) على الأفراد
المدروسين ،ويترك كلاً منهم يجيب على الأسئلة بطريقته.
4.طريقة
الحالة الأفتراضية Hypothesis Case
تقوم هذا الطريقة على
بناء افتراضات حول عناصر لظاهرة اجتماعية / ثقافية ، يسعى البحث الى إثباتها
والتحقق منها وذلك عن طريق عمل البحث على مجموعة معينة بهدف أثبات حالة أو حادثة
معينة.
_خــــــــــاتـــمــــــــــــة
أصبح واضحاً أن الأنثروبولوجيا تدرس الإنسان /الفرد وأعماله ضمن النوع
البشري ،وما طرأ عليه تغييراً وتطور نحو الأفضل ، سواء في عضويته أو في مظهره
الخارجي ،وذلك بتأثير الظروف الطبيعية والاجتماعية المحيطة به ، إضافة الى دراسة
الإنسان من طبيعته الاجتماعية بصفته عضواً في جماعة بشرية (مجتمع بشري) حيث يشارك
علم الأنثروبولوجيا العلوم الإنسانية الأخرى ، وهذا ما أدى الى ظهور مايسمى بعلم
الأنثروبولوجيا الاجتماعية .
أي أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية ، تدرس المجتمعات الصغيرة وشبه
البدائية التي تشكل نسيجاً اجتماعيا ً بسيطاً ومحدودا بفنونها واقتصادها ، وحيث تسود
الأمية والأعمال اليدوية الأولية وتتابع تطورها
وصولاً الى دراسة المجتمعات الحديثة والمعقدة في نسيجها الاجتماعي والثقافي
والاقتصادي.
بينما تدرس الأنثروبولوجيا الثقافية طريقة معيشة مجتمع ما ، سواء كان
ذلك المجتمع بدائي أو متقدم ،وبما لاشك فيه أن الثقافة هي من صنع الإنسان وتعتبر
أيضاً ظاهرة طبيعية تخضع لقوانين الطبيعة مثل قانون بقاء للأقوى ويدرس هذه الفرع بمناهج
علمية دقيقة .
والخلاصة ، أن
الأنثربولوجيا علم منهجي والبحث الميداني من أهم مقومات نجاحه ، وهذا يتطلب من
الباحث معرفة الطريقة التي عليه أن يستخدمها ، واضعا نصب عينيه أن المشكلة التي
يدرسها هي في الأساس مشكلة إنسانية ويجب أن يتمتع الباحث بدرجة عالية من الحساسية
تجاه قيم الناس الذي يتعامل معهم.
*مصادر المقالة
ومراجعها :-
-الـكــتـب//
1.أوجيه ،
مارك وكولاين، جان (2008)."الأنثروبولوجيا".ترجمة.جورج
كتورة ،دار الكتاب الجديد المتحدة ، بيروت.
2.كاظم ، علاء (2011)."الفرد والمصير : بحث في الأنثروبولوجيا الثقافية ".التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت .
3.صادق ،
أزهري (2013)."الأنثروبولوجيا
الطبيعية والثقافية (علم الإنسان الطبيعي والثقافي)".جامعة الملك سعود،الرياض.
4.الشماس
،عيسى (2004)."مدخل الى علم الإنسان (الأنثروبولوجيا)".اتحاد
الكتاب العرب ،دمشق .
-المواقع
الإلكترونية//
5.الصغيري
،عبد العالي (2010).موقع ستار تايمز .تاريخ الوصول:(12.12.2016) ، http://www.startimes.com/?t=26501494
6. ويكيبيديا
،الأنثروبولوجيا ، تاريخ الوصول :(11.12.2016). https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق