مــــقـــدمـــــــــــة
ان التفكير في انتاج فيلم
وثائقي قصير عمل مهم يقدمه صاحب الفيلم خاصة اذا كان الهدف منه مناقشة قضية او موضوع يهم
الانسان بالدرجة الاولى مثل الافلام القصيرة التي تناقش كيفية الوقاية من مرض معين
او تلك التي تشرح الفائدة الصحية لمنتج معين وغيرها من المواضيع المتاحة التي تحمل
الفائدة ، وبالتالي فالتفكير في صناعة الفيلم الوثائقي يجب أن ينطلق أولاً من
النية الصادقة لصاحب العمل ،فالنية يجب أن تسبق أي عمل سواء كان عبادة أو عمل اخر
وقد دل على ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل "أنما الأعمال بالنيات وإنما لكل
أمريء ما نوى .....الخ الحديث " (أنظر صحيح البخاري ،باب بدء الوحي رقم [1] ) والنية يجب أن يتبعها العمل الجاد وكذا الإخلاص في أنتاج العمل
.وثانياً:حتى تتمكن من صناعة فلم وثائقي يجب أن تبتعد عن عناصر الإحباط التي قد
تقف أمامك حجر عثرة لن تستطيع بعدها أكمال مشوارك في صناعة الفيلم الوثائقي ،
وعناصر الإحباط قد تجدها من أصدقائك أو من بيئتك لذلك يجب عليك أن تبتعد فوراً عن
هذه العوامل وأن تتجنبها لأنها سترسم في مخيلتك المستحيل التي لن تستطيع مواجهته
مستقبلاً ، ثالثاً:صناعة الفلم الوثائقي يتطلب منك ملامستك ومعايشتك للمجتمع التي
تعيش فيه وهذا العنصر مفيد جيداً لأي فيلم أو أي عمل اعلامي لأن العمل أساساً هدفه
خدمة المشاهدين ومناقشة وحل قضاياهم ومشاكلهم ، فعندما ينطلق العمل من أيمانك العميق
بذلك فستحقق نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة لذلك من الأهمية لصاحب الفيلم ألا يضع
حاجزا أو عائقاً بينه وبين مجتمعه يعني لا ينتج عملاً بعيداً عن قضايا مجتمعه
الاساسية ، حيث ، ونحن اليوم نعيش في عصر مليء بقضايا ومشاكل قد تكون ناتجة عن نقص
وعي لدى اصحابها والتي تتطلب من العاملين في المجال الأعلامي ارشاد اصحاب القضايا
الى الطريق الصحيح ،وهنا يأتي دور الفكرة التي تعتبر العنصر الأساسي لأي عمل
اعلامي ومنها الفيلم الوثائقي وعليه ،يجب عليك أن تقف في خط المنافسة لأن هناك
كثيراً من الأفلام والأعمال التي تنتج يومياً ، فإذا تأخر صاحب الفيلم في اختيار
الفكرة فلاشك أنها ستكون من نصيب شخص اخر .وفكرتك يجب أن تكون جديدة وذو قيمة
لمجتمعك اولاً ولمؤسستك الإعلامية ثانياً وذلك حتى تحقق رواجاً كبيراً وتفيد وتنفع
بها الآخرين .
هذه المقالة ستبحث الإجابة عن عدة تساؤلات وهي : كيف أتمكن من صناعة
فلم وثائقي قصير بطرق ترتكز على القواعد العلمية ، وهي ، ما هو الفيلم الوثائقي وكيف يتم
اختيار فكرته ؟ كيف تتم كتابة فكرة الفيلم الوثائقي ؟ من ان يتم الحصول على
معلومات الفلم الوثائقي ؟ ما هو سيناريو الفلم الوثائقي وكيف يتم كتابته ؟ ما هي
مراحل الاعداد الفني للفيلم الوثائقي حتى يتم عرضه بنجاح؟
أولاً: تعريف الفلم الوثائقي:
وردت كثير من التعريفات للفيلم الوثائقي ،حيث أن جميع التعريفات تتفق
على قاعدة مهمة وهي أن الفيلم الوثائقي عمل غير روائي ويتناول قضايا وأحداث
المجتمع التاريخية والاجتماعية كما هي دون تغيير ، أي أنه يسعى لتوثيق جوانب كثيرة
من الواقع بعيداً عن الخيال ويندرج الفلم الوثائقي ضمن الاعمال السينمائية حيث
يوصف بأنه ممارسة سينمائية وتقليد سينمائي يتلقى من المشاهد ويمكن عرضه ومشاهدته
في المنازل والمنتديات وقاعات السينما .(خليقي ،جورج ،2014 ،ص5) .
كانت البدايات الاولى لإنتاج الفيلم الوثائقي وتصوير مشاهده مع اختراع
جهاز التقاط الصور السينمائية المتحركة في عام 1895م من قبل الاخوين لومبير، حيث
أن تصوير لومبير لمشاهد متحركة وحقيقية لحركة العمال اثناء خروجهم من المصانع وكذا
تصوير الناس في محطات القطار شكلت البدايات الاولى للتوثيق الواقعي لحياة الانسان
الطبيعية ، والبعيدة عن التمثيل والخيال التي تنتهجها السينما ذات الصيغة الدرامية
وعلى هذا الأساس يتم أنتاج الافلام الوثائقية لتنقل للمشاهد صورة للواقع كما هو بعيدة
عن التزييف والتزييف التي قد تنفي تماماً صلة الموضوع المقدم بالواقع . وفيما
يتعلق بمصطلح الفلم الوثائقي فقد ورد لأول مرة في مقالة الصحفي الأمريكي جون جرير
سون ( (John Griersonوالتي كتبها على جريدة نيويورك صن الأمريكية (New York Sun ) عام 1926م ، وذلك عندما قدم عرضاً ناقداً لفلم روبرت فلاهرتي (موانا Moana) .
ويعتبر جون جرير سون (1972-1898 (John
Grierson الأب الروحي للفيلم التسجيلي حيث أقترن اسمه بظهور مصطلح الأفلام
التسجيلية في النقد السينمائي (علي،هبه ،2015 ،ص30) جون جرير سون في مقالته وضع
قواعد وخصائص يجب أن يستند عليها الفلم التسجيلي أهمها ارتكاز الفلم التسجيلي في
مادته على الواقع الحقيقي كما هو ، كما يؤكد جريرسون على ضرورة أن يكون مكان
التصوير بأشخاصه الحقيقيين ، وأن يؤدي هؤلاء الأشخاص ادوارهم الاصلية أثناء تصوير
الفلم . ويضيف جرير سون في مقالته أنه عند صناعة الفلم الوثائقي لابد من التفرقة
بين الوصف والدراما ، أي لابد من التمييز بين الأسلوب الذي يعتمد فقط على مجرد وصف
القيم السطحية لموضوع معين وبين الأسلوب الذي يكشف عن الحقائق بطريقة فعاله ايجابية
تحقق هدف الفيلم . ويضيف جرير سون أن العاملين على صناعة الفيلم الوثائقي يجب أن
يعتمد على قوة الملاحظة والمشاركة الفاعلة والبحث الجاد والمتعمق والانتقاء بوعي
وتركيز في الحياة المليئة بالأحداث والمشاكل والظواهر والعادات ،وذلك للوصول بدقة
الى الهدف المرسوم وبلوغه بنجاح.
اذاً فالأفلام الوثائقية تدور حول الحياة الواقعية اساساً كما انها
لوحات للحياة الواقعية تستخدم الواقع كمادة خام لها ، يعد هذه المادة الخام تقنيون
وفنانون يعملون على اتخاذ قرارات لا حصر لها بشأن اختيار القصة ولمن ستروى والهدف
من هذه القصة ، وبما أن الفيلم الوثائقي يروي قصة عن الحياة الواقعية ،فالقصة
تتطلب مصداقية ،ونقاش لكيفية تحقيق ذلك بنزاهة وصدق غير منتهي خاصة في ظل وجود إجابات
متعددة ، فالفيلم الوثائقي يُعرف أساساً من صُناعهُ ومشاهديه ، بحيث لا يتوقع المشاهدون تعرضٌهم
للكذب والخداع فنحن نتوقع أن ننقل أشياء صادقة عن العالم الواقعي . (هايدي ، باتريشا
،2013،ص10).
وقد عرف المخرج الإنجليزي بول روثا(Paul Ratha) الفلم الوثائقي بأنه " التعبير عن حياة
الناس بأسلوب اجتماعي وبطريقة خلاقة ، وهذا يتطلب ألا يقوم الفلم الوثائقي على قصص
خيالية ، أما تعبيره بأسلوب أجتماعي ، فيؤكد دور المخرج في أن يكون له موقف محدد
وواضح من المجتمع ، على أن يلقى الفيلم الوثائقي الضوء على الماضي ويشرح الحاضر
ويرى المستقبل ويغذيه ويكون صانعه متخصصاً في علم الاجتماع وفناناً أيضاً
.(علي،هبه ،2015 ،ص32).
يتضح من التعريف السابق ، أن الفيلم الوثائقي يعبر بدرجه اساسية عن
حياة الإنسان وفي مجالاتها المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية
،ويشترط لهذا التعبير أن يكون خلاقاً أي يجب أن يبتعد عن الخداع والغش وكذا الخيال
لأنه اذا أعتمد أو دخل الخيال في الفلم الوثائقي فأنه سيندرج ضمن الأفلام الروائية
وسيخرج بالتالي عن وظيفته الأساسية وهي نقل الحقائق للناس .
ثانياً : خصائص الفلم الوثائقي
هناك خصائص وضعها المخرج الإنجليزي بول روثا على النحو التالي:
1.يعتمد الفلم الوثائقي على الفكرة (İdea) أو الفكرة الرئيسية (Theme) بدلاً من الحنكة (plot) التي يعتمد عليها الفلم الروائي .
2.الفلم الوثائقي أساساً يصور العالم الحقيقي ولا يهتم بأحداث أو
أشخاص أو أماكن ملفقة من صنع الخيال .
3.لابد أن يتوفر في الفيلم أكبر قدر من الوضوح والمباشرة من خلال
التتبع المنطقي المحكم لعناصره.
4.الفلم الوثائقي يمكنه التأثير بدرجة أكبر من تلك التي قد يلعبه
الممثلون أو الأفلام الروائية خاصة الربحية .
5.يستطيع الفلم الوثائقي أن يتابع الأحداث الجارية والمشكلات القائمة
حالياً ولا يحتاج لوقت طويل في الاعداد حيث يمكن أن يُعرض خلال استمرار الحدث أو
الأزمة .
6.يؤدي الفلم الوثائقي دوراً مهماً
نحو أنثروبولوجيا لأن الأنثروبولوجيا تمثل عالماً حقيقياً وبالتالي أكثر
صدقاً وتعبيراً.
ثالثاً : أنواع الفلم الوثائقي
الفلم الوثائقي في الأساس أحد أنواع الأفلام الذي يحتوي على عهد لدى
المشاهد بأن ما سوف يراه وسمعه هو عبارة عن شيء حقيقي وصادق ، وحيث أن الفلم
الوثائقي يلزمنا أن نفهمه وذلك عن طريق ما يقدم بشكل واقعي بعيداً عن الخيال حيث
توجد أنواع مختلفة من الأفلام الوثائقية ، حيث أن الهدف الأساسي من تصنيف الأفلام
الوثائقية الى أنواع هو ليتمكن صانعي
الأفلام او الراغبين في صناعتها من دراستها بسهولة وتمييزها ، وكذا أختيار
النوع الأفضل والمناسب الذي يلبي رغبة الجمهور.هذه المعرفة والتفريق تتيح للدارس والممارس
أختيار النوع المناسب لإنتاج فلمه الوثائقي .
ويمكن تصنيف الأفلام الوثائقية على النحو التالي : (الشهير،تركي ،2014 ،موقع الصورة الوثائقية).
أولاً:تصنيف الأفلام الوثائقية
بحسب المعالجة THE APPROACH
ويقصد بالمعالجة هنا طريقة عرض الأفكار وترتيبها ومناقشتها يعني ما هي
الطريقة التي يريد المخرج أن ينتج بها فيلمه الوثائقي حيث تتنوع طرق عرض الأفلام ،
ومن أهم هذه الطرق وأكثرها نجاحاً هي طريقة التحقيق الصحفي (journalistic Investigation)
والتي تسمى حالياً بأفلام التحقيقات الاستقصائية
والتي تتعمق في البحث عن الأسباب والدوافع حتى تصل الى النتائج ، حيث يصمم الفلم
بما فيه السيناريو والتصوير والمقابلات على أساس التحقيقات البوليسية وفي هذا
النوع من الافلام يسير صانع الفيلم وكأنه يصنع ويفك الغازاً وتدخل في مخاطر لاستكشاف
شيئاً ما . وهناك طريق معالجة أخرى تأخذ منحى التعليم التوعية التثقيف الترشيد وخلق
الحلول العملية ومثال على ذلك أن تصمم فيلماً وثائقياً تعليمياً عن الأثر السلبي للعبوات
البلاستيكية على البيئة فهنا المعالجة تتضمن مفاهيم النفايات خطوة بخطوة ، وتدعمها
بالأبحاث العلمية ، ومشاهدات الواقع ثم تحاول غرس مفهوم تدوير النفايات من خلال
الفلم كأحد الحلول .
وتصنف الأفلام الوثائقية بحسب
المعالجة الى عدة اصناف وهي :
1.أفلام الاستكشاف (المكاني أو الثقافي ) : ومنها أفلام اكتشاف
أدغال أفريقيا أو جزيرة نائية وسط البحر أو فيلماً يتحدث عن ثقافة غريبة في الهند
مثلاً.
2.أفلام السرد التاريخي (للأحداث والشخصيات ) :مثال على
ذلك الأفلام التي تتحدث عن الدولة العثمانية ففي مثل هذا النوع من الافلام تتطلب
معالجته معالجة تاريخية تعتمد على الوثائق والسجلات والتسلسل التراكمي التاريخي
وغيرها وعند تناول أفلام الشخصيات فهي تحتاج الى
معالجة تناسب رواية الحكاية عن شخصية مشهورة أو مؤثرة في التاريخ الماضي أو
المعاصر ، اذاً المعالجة هنا تختلف عن فيلم يتحدث عن البطالة مثلاً .
3.أفلام
المنجزات أو المشاريع :هذا النوع من الأفلام ينتشر في أوروبا وأمريكا
فمثلاً فلم عن بناء جسر مميز ، لابد أن يبدأ الفلم في تصويره في الحديث عن الفيلم منذ الفكرة التخطيط ثم مرحلة الإنشاء خطوة بخطوة
، ويتحدث الفلم أيضاً عن الصعوبات التي واجهتهم الى أن يكتمل المشروع ويستدعي هذا
النوع من الأفلام قدراً من التشويق والبناء المرحلي وذلك ليتطلع المشاهد الى معرفة
نهاية المشروع ، مثال على ذلك فلم بناء الجسور والأنفاق في تركيا .
4.أفلام الوقائع الحالية أو القضايا الساخنة : وهنا يسلط المخرج الضوء على قضية (حالية) أنشغل بها الرأي العام
فيحاول أن يتناولها بعمق عن طريق شرح الأسباب والأطراف المسببة وأثارها الكارثية
والوصول الى الحلول ، من الأمثلة على هذا النوع من الأفلام سلسلة أفلام سري للغاية
من أنتاج قناة الجزيرة .
5.أفلام علمية أو تعليمية أو توعوية : هذا النوع من الأفلام يعتمد على الأسلوب التعليمي التشويقي في أيصال
المعلومة حيث أنه يأخذ بأن الجمهور غير متخصص في مجال معين مثال فيلم عن الاحتباس الحراري ، المخرج في هذا
النوع من الأفلام يحاول أن يعرض المفاهيم المتعلقة بموضوع الفلم على نحو يفهمه
المتخصص ولا يمل منه غير المتخصص ، وعادةً ما يلعب الجرافكس دوراً مهماً في توضيح
وشرح بعض مضامين هذه الأفلام مثال على ذلك فلم :أسرار نمو الأطفال (Children Growth Secrets
).
ثالثاً :تصنيف الأفلام
الوثائقية بحسب البناء The Stricture
هذا الفيلم يركز على بنائية الفيلم ككل ويمكن تقسيمه على النحو التالي
:
1.البنائية بالاعتماد على المشاهد :ويقصد به أن المخرج
يصور المشاهد في الفلم دون اجراء مقابلات أو حتى صوت المعلق ويبنى الفيلم ضمن سياق
اللقطات والمشاهد .
2.البنائية بالاعتماد
على الشخصية : وهنا يتم بناء الفلم كله على شخصية واحدة وقد يكون في الفلم
عدة شخصيات يمكن أن تشترك في في قضية واحدة وفي هذه الأفلام قد يكون بدون صوت
المعلق أنما بأصوات هؤلاء الشخصيات ويدمج مع اللقطات من موقع التصوير.
3.البنائية بالاعتماد على
الرواية (التعليق الصوتي) : هذا
أحد الأنماط الكلاسيكية في الفلم الوثائقي وهنا يكون الفلم مصحوباً بصوت المعلق (Narrator) في أجزاء الفلم بغرض التوضيح والربط بين
الفقرات ومن أقدم المعلقين في هذا النوع من الأفلام كتابة وأداء يسري فودة .
4.البنائية بالاعتماد على المذيع : هنا يكون المذيع أمام الشاشة ومرافقاً في الفيلم وليس دوره التقديم فقط بل يكون خبيراً
في موضوع الفيلم فيضيف للفلم قيمه مضمونيه مثل أفلام BBC في البنية الطبيعة .
5.البنية في الاعتماد على الرؤيا
التأملية الشخصية : هذا النوع من الأفلام كأنه فيلم شخصي يحكي وجهة نظر
المخرج لذا قد يكون أحياناً مصحوباً بصوت المخرج وقد يظهر المخرج أمام الشاشة وقد
يكون الموضوع شخصي يلمسه بالدرجة الأولى ومثالهُ فيلم معاداة السامية (Super Size me )
.
الجدير بالذكر أن السينما بدأت وثائقية حيث كانت بداياتها الأولى مع
افلام لوميير مثل فيلم دخول القطار الى المحطة والتي تصور الحياة العادية .
رابعاً : مراحل اعداد وصناعة الفلم الوثائقي
أنه لكي يخرج الفلم الوثائقي بطريقة ناجحة الى أرض الواقع فلابد من
المرور بخطوات متتالية ومترابطة مع بعضها البعض ومن أهم خطوات أنتاج وصناعة الفلم الوثائقي ما يلي:
1.أختيار الفكرة
يجب على منتج الفلم الوثائقي قبل كل شيء أن يدرك ان الفلم الوثائقي
يختلف عن الفلم الروائي من حيث الهدف وطريقة الصياغة فالفلم الوثائقي يعتمد أساساً
على الواقع في مادته وفي تنفيذه كما أن الفيلم الوثائقي لا يهدف الى الربح المادي
بل يهتم بدرجة أولى بتحقيق أهداف خاصة في النواحي التعليمية والثقافية أو حفظ
التراث أو التاريخ وهنا يجب على الكاتب أن يختار فكرة تحمل هدف التثقيف أو أهداف
أخرى وكذا يجب أن تكون الفكرة التي سيرتكز عليها الفلم عند تنفيذها مختصرة العرض
على الجمهور لأن الفلم الوثائقي يتسم بقصر زمن العرض ، حيث يتطلب درجة عالية من
التركيز اثناء مشاهدته ، ومن الملاحظ عادةً أن مدة الفلم الوثائقي تزيد في أغلب
الأفلام الوثائقية في مدة زمنية قدرها 15 الى
45 دقيقة كحد أقصى ، وذلك لأن أنتاج مثل هذه الأفلام يكون موجهاً الى نوعية معينة
من الجماهير يحمل لها أهداف خاصة .
من أهم العناصر الذي يجب أن يدركها
صانع الفلم الوثائقي هو أن عليه أن يدرك أنه يؤدي دور الباحث لأنه يختار الفكرة ثم
يبحث ويجمع المعلومات حولها وذلك لتقديم الحقائق من مصادر موثوقة ومعالجة الموضوع
بطريقة موضوعية ، وهنا تظهر الصلة الوثيقة بين البحث العلمي والفلم الوثائقي بشكل
خاص وذلك في قيام كل منهم على فكرة محددة سواء كانت مشكلة أو ظاهرة من الواقع ومن
ثم جمع المعلومات من مصادر مختلفة وبعدها تتم عملية البناء المنطقي والمعالجة
الجيدة والتي تحقق توصيل الرسالة الاعلامية بوضوح .(علي ،هبه ،2015 ،ص56).
تحديد الفكرة للفيلم الوثائقي قد تكون خاطرة في ذهن المخرج ويمكن استخدام
أي خاطرة من خواطر الإنسان لتكون فكرة أساسية لأي فيلم وثائقي شرطها الأساسي أن
تستمد من الواقع ، وأن تتسم بالوضوح التام لأن من شروط الفكرة أن تكون واضحة
وقابلة للتنفيذ ، لأن الغموض في الفكرة سيؤدي الى نتائج سلبية أبرزها فشل
السيناريو كما أن المعالجة النهائية للفيلم قد تفشل أيضاً ، وعند تنفيذ الفلم الذي يرتكز على فكرة غامضة فأنه سينفر المشاهدين
من متابعته ولن يحقق الفلم هدفه .
أذاً فالفكرة والموضوع في
الفلم الوثائقي هي نقطة البداية والركيزة الأساسية لتحقيق الهدف من المعالجة
السينمائية لموضوع الفلم وفي هذه المرحلة يضع صانع الفلم في اعتباره أسلوب تقديم
الفلم حيث يحدد صانع الفلم طريقة المعالجة المناسبة ،بما يتفق مع الموضوع والهدف المنشود
والإمكانيات المادية والفنية المتاحة وكذا بما يناسب الجمهور المستهدف ، أما فيما
يتعلق بالعنصر الفني (الصوت) تعتمد بعض الأفلام الوثائقية على التعليق المصاحب
للمادة المصورة ويعد هذا النوع من الأفلام الأكثر أنتشاراً واستخداما لسنوات طويلة
.(علي ،هبه ،2015 ،ص54).
وبما أن مرحلة أعداد الفلم وأختيار الفكرة هي العنصر الأهم في صناعة
الفلم الوثائقي ففي هذه المرحلة لابد على صانع الفلم الإجابة على مجموعة من الأسئلة حيث أن الإجابة عليها تكون ضمن خطة تسمى
(خطة الفلم الوثائقي) حيث أن خطة الفلم الوثائقي هذه تكون بعد تحديد فكرة الفلم
وموضوعه الأساسي وتقدم هذه الخطة عادة الى
الشركة او المؤسسة الاعلامية التي يعمل فيها الشخص أو تقدم الى شركة يرغب صانع
الفلم في أن تقوم بتنفيذ الفلم ، كذلك بهذه الخطوات تكتب الخطة الذي يقدمها طلبة
الأعلام المتخصصين في قسم (الإذاعة والتلفزيون ) وذلك عند أعداد مشروع التخرج
الخاص بهم نهاية السنة الرابعة :
1.ما أسم الفلم ؟ 2.ما هو الهدف
من الفلم ؟ 3.ما اهمية الفلم ؟ 4. من هو الجمهور
المستهدف وما هي خصائصه ؟ 5.ما مدة زمن
عرض الفلم ؟ 6.ما الميزانية التقديرية للفلم ؟ .
وبالإجابة على هذه التساؤلات تقدم الخطة بشكل مكتوب الى الشركة او
المؤسسة او المؤسسة التعليمية التي ستتكفل بإنتاج الفلم . فكرة الفلم وموضوعه يمكن
أن تكون من قصص واقعية أو حادثة أو من
كتاب أو مسرحية أو من خبر في تلفزيون أو صحيفة أو قد تكون من خيال أو خبرة الكاتب
نفسه ، ويشترط أن يكون الموضوع المختار ذات قيمة ، ويجب تجنب الشيء الممل ،بل يجب
التركيز على المواضيع المثيرة للجدل .( http://ar.wikihow.com/)
وعند أعداد خطة عمل الفلم الوثائقي وقبولها من الشركة المؤسسة
التعليمية فأننا سننتقل الى المرحلة الثانية في أعداد الفيلم الوثائقي .
2.جمع المعلومات
بعد تحديد الفكرة الاساسية والرئيسية للفلم وقبولها من شركة أو مؤسسة
تعليمية سنبدأ مباشرة بعملية جمع
المعلومات ، وذلك عن طريق البحث الدقيق في جوانب الموضوع الذي اخترناه ،
والبدء بعملية جمع المعلومات الخاصة بهذا الموضوع من جميع الجوانب دون إهمال او
تقصير لأي مصدر من مصادر المعلومات المرتبطة بموضوع الفلم حتى لو كانت مساهماتها
بسيطة ، وفي هذه المرحلة يجب أعطاء أهمية كبيرة للمصادر الأهلية الموثوقة ويجب
أيضاً الاستعانة بالخبراء والمتخصصين في موضوع الفلم ، وتحديد المصادر يعتمد بدرجة
أساسية على التحديد الدقيق للفكرة والموضوع وطريقة المعالجة ، حيث يؤدي هذا الى
توضيح وتحديد البيانات المطلوبة والمصادر التي يمكن أخذ واستقاء المعلومات منها .
وتنقسم البيانات حسب المصادر التي يمكن استقاء المعلومات منها الى
نوعين: (علي ،هبة ،2015،ص57).
أ.بيانات ثانوية (Secondary Data)
ويقصد بها مجموعة البيانات والمعلومات الأساسية السابق تجميعها
وتسجيلها والمتعلقة بموضوع معين او بظاهرة معينة ، تتوافر هذه البيانات في الكتب أو
الدوريات أو المجلات العلمية أو لدى بعض الجهات المتخصصة في جمع البيانات
والمعلومات كالمؤسسات العلمية والوزارات ومراكز البحوث ، وتتميز البيانات الثانوية
بالاقتصاد في التكلفة وكذا تقليل الوقت والجهد الذي يبذله الباحث في جمع البيانات
فهي تمثل نتائج خبرات سابقة ، فضلاً عن إمدادها الباحث بمجموعة من المعلومات التي
يتعذر الحصول عليها بالمفرد ، نظراً لما تتطلبه من جهود مالية وفنية وبشرية ضخمة
وغير متاحة للباحث الفرد .
ب.بيانات أولية (Primary Data)
وهي التي يقوم الباحث بجمعها مباشرة ولأول مرة وللأغراض المباشرة
للبحث الذي يقوم به ، نظراً لصعوبة أن تفي البيانات الثانوية بجميع الاحتياجات
التي يتطلبها بحث معين عن مشكلة محددة ، وبالتالي فهي أكثر تحديداً وتركيزاً وارتباطاً
بمشكلة البحث الذي يتناوله وتجمع المعلومات هنا مكتبياً أو ميدانياً أو تجريبياً
لأول مرة وباستخدام أحد الطرق التالية : الملاحظة العلمية ، المقابلة ، الاستبيان
.
3 . طريقة كتابة السيناريو
بعد جمع المعلومات المتعلقة بالموضوع من مصادرها المختلفة نبدأ بعملية
كتابة السيناريو وينقسم السيناريو الخاص بالفيلم الوثائقي الى عدة أقسام :
أ.السيناريو النظري
بعد أن يقوم صاحب الفيلم بجمع
المعلومات من المصادر المختلفة فأنه يجب عليه بعد ذلك أن يلخص ويأخذ من المصادر
التي جمعها المعلومات المهمة المتعلقة بفكرة الفيلم ويكتبها بطريقة عادية أي
يكتبها على طريقة البحث العلمي ، ويجب أن يحتوي السيناريو النظري على الإحصائيات
والمعلومات المفيدة فقط التي تحقق رضا المشاهد ، وتفيده بدرجة كبيرة ،وأثناء كتابة
السيناريو النظري سيكون لدى صاحب الفيلم معلومات كثيرة وعليه أن يختار المفيد منه ،
وبعد أن تقوم بكتابة السيناريو النظري بطريقة واضحة ننتقل الى كتابة السيناريو
التالي .
ب.سيناريو التصوير
هذا السيناريو يعرض بسلاسة الأحداث والحقائق التي يجب تصويرها وهنا
يجب أن تضع خطة للتصوير بعد تحديد نوع الكاميرا وكذا طاقم العمل ، وفي خطة التصوير
نضع الخطوط العامة للفلم أي تكتب سيناريو التصوير وعندك علم ومعرفة بأنواع اللقطات
وزوايا الكاميرا وحركات الكاميرا أيضاً ، وبعد تجهيز سيناريو التصوير تتم مباشرة
التصوير في الأماكن ولدى الشخصيات التي حددتها من ضمن مصادر الحصول على المعلومات
، وهنا يجب مراعاة أن تكون الكاميرا من النوع الجيد حتى يتم المونتاج بطريقة جيدة
، وأثناء التصوير يجب أن يوجَه المصور من قبل المخرج ،وبعد الانتهاء من التصوير
ننتقل الى المرحلة اللاحقة من مراحل كتابة السيناريو.
ج.السيناريو
التنفيذي
يعتبر السيناريو
التنفيذي أهم أنواع السيناريو لأنك تحضر فيه لعملية المونتاج النهائي للفيلم
فالمونتاج يعتبر كفن يظهر عن طريق السيطرة الإبداعية على التوقيت والسرعة والإيقاع
للمشاهد أو للقطات وذلك لخلق التوتر أو الفكاهة أو الجذب وغيرها من المشاعر عند
المتلقي مع مراعاة وجود علاقة محدودة بين أجزاء الفيلم حين تركيبها ولصقها مع
بعضها البعض ، ويعتبر الوقت والمكان هما المحددان الأساسيان في أعطاء الإيقاع
العام للفيلم الذي يحدده المخرج ويتم توظيفها عبر المونتاج .(علي ،هنية ، 2015،ص64).
وعند التحضير لعملية المونتاج يبدأ المخرج
بمشاهدة ما تم تصويره والشروع في كتابة السيناريو التنفيذي عن طريق وضع ثلاث خانات
في الورقة الخانة الأولى للنص والثانية
لمقطع الفيديو المتطابق مع التعليق الصوتي وخانة أخرى للمدة الزمنية التي ستتم
عملية قص الفيديو منها ، ويؤدي التعليق الصوتي في الفيلم وظيفة كبيرة فهو يعرض
فكرة الفيلم ويوضح هدفه الأساسي وكذا تأكيد الصورة وتعميق مضمونها ، وزيادة
تأثيرها ، والأهم في التعليق الصوتي أيضاً
الكشف عن معلومات قد لا تعرضها الصورة (علي ، هنية ،
2015 ،ص64).
وعند
التحضير للمونتاج يجب التأكد من العناصر التالية :
1.الإطلاع بدقة على المادة المصورة .
2.مراجعة مدى وفرة
الصورة الجيدة ومدى كفايتها أم هناك ضرورة لتصوير مشاهدة أضافية .
3.ما هو النص المناسب
للصورة ؟ .
4.ما هي المعلومات
التي تنقلها الصورة والصوت وما هي المعلومات التي ينقلها النص ؟
5.ما هو التسلسل
المطلوب لطرح الموضوع .
6.العناية بالمدخل
والختام واختيار أقوى الصور لها.
المراجع
:
الكتب
والرسائل العلمية
1.خليفي ، جورج (2014)
." الفلم الوثائقي،دليل مقترح للتدريس في الجامعات الفلسطينية " ،مركز
تطوير الأعلام ، جامعة بيرزيت ،فلسطين .
2.علي ، هبه (2015 )
،"الفلم الوثائقي ودوره في تعزيز السياحة في السودان ،دراسة على عينة من
الأفلام الوثائقية السودانية " ، رسالة ماجستير،جامعة السودان للعلوم
والتكنولوجيا ،كلية الدراسات العليا للبحث العلمي : قسم الإذاعة والتلفزيون ،
الخرطوم .
3.هايدي ،باتريشيا
،"الفلم الوثائقي ، مقدمة قصيرة جداً " ترجمة :شيما الريدي ،مؤسسة
هنداوي للتعليم والثقافة ، القاهرة .
المواقع
الالكترونية
تقدم شركة باجل خدمات الملتيميديا بالمملكة العربية السعودية حيث يمكنك عمل فيلم وثائقي باستخدام أفضل معدات التصوير لإنتاج الفيلم وإخراجه بدقة عالية كما تقوم بتقديم خدمات إنتاج الفيديوهات والخدمات الصوتية المختلفة باللغة العربية والانجليزية، فمع باجل يمكن عمل فيديو احترافي
ردحذفباستخدام أحدث أساليب العرض التشويقية بالإضافة إلى عمل مونتاج للفيديوهات والأفلام.
https://pajill.com.sa/multimedia/